المرأة بين نداء الواجبين الأسري والمهني – ألفة زيد


ألفة زيد ـ طالبة بالسنة الثالثة بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية تونس المنار

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

” يا أيّها الإنسان انّك كادح إلى ربّك كدحاً فملاقيه “

المرأة بين نداء الواجبين الأسري والمهني

 

تمكّنت المرأة العربيّة اليوم من افتكاك موقع هام في المجتمع وبرزت في عدّة مجالات اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة وثقافيّة…وفي هذا الإطار قمت بإجراء حوارات مع الزّملاء حافظ البرهومي، مروى الرّياحي وأسماء النّفّاتي لمعرفة انطباعاتهم وآرائهم في مسألة مشاركة المرأة في الحياة المهنيّة وانعكاسات هذه المشاركة على الفضاء الأسري المتوازن.

استهللت حديثي مع السيّد حافظ البرهومي وهو طالب جامعي وناشط سياسي ، متزوج وفي انتظار مولوده الأول في القريب العاجل بإذن الله.

يقول حافظ أنّه لا يجد مانعاً في عمل المرأة مع مراعاة بعض الشّروط الضّروريّة ؛ أوّلها توفّر الضّوابط الشّرعيّة في محيط العمل وثانيها ألّا يتسبّب في افتكاك المرأة من أسرتها الأمر الذي يؤدّي إلى تقصيرها في أداء وظائفها كزوجة وكأمّ وهو ما ينعكس سلباً على توازن الأسرة، ويشير إلى أهمية  بقاء المرأة في المنزل إن لم تكن هنالك ضرورة للعمل ودورها الأساسيّ  هو بناء أسرة متوازنة والمحافظة عليها في فضاء تربويّ سليم  فهي مربّية الأجيال و صانعة رجال المستقبل. وفي المقابل يؤكّد البرهومي على دور الزّوج والأب في الإحاطة بأسرته وفي توفير حاجيّاتها الأساسيّة من مسكن وطعام وشراب وصحة وتعليم إلخ… ويستنكر تقصير بعض الأزواج والآباء في تحمّل واجباتهم اتجاه أسرهم مؤكّداً على قدرته على تحمل مسؤوليّة أسرة بأكملها منذ سنّ الثامنة عشر. وبخصوص احتلال المرأة للمناصب الكبرى في البلاد يبدي معارضته في هذه المسألة مستدلاً بحديث الرّسول صلّى الله عليه وسلم ” لن يُفلِح قومٌ وَلَّوا أمْرَهُم امرأة” رواه البخاري. معلّلاً ببنيتها الهشّة وبميولاتها العاطفيّة والحسيّة التّي طالما كانت طاغية على تفكيرها العقلي الموضوعي وقد قدّم مثالا واقعيا يحتج به فقال : ” لنفترض أنّ المرأة كانت في اجتماع عمل مهمّ جداً لمناقشة مسائل وطنيّة وإذ باتّصال مفاجئ يعلمها أن مكروها ما قد حلّ لابنها فكيف ستكون ردّت فعلها ؟  هل ستؤجّل الاجتماع وهو الأمر الأكثر احتمالا وتعطّل مصالح المجتمع أم ستهمل واجبها كأمّ في رعاية طفلها ” وهنا ختم حافظ حديثه.

 

الآنسة مروى الرّياحي طالبة جامعيّة تبدي رأيها في هذه المسألة فتشير إلى أنّها لن تدّخر جهداً في سبيل المحافظة على أسس بيتها وتنشئة أبنائها النّشأة الإسلامية السليمة وان دعى الأمر إلى التّخلي عن وظيفتها رغم تحصيلها العلمي الهام.  و تستنكر وبشدة قضاء الطفل لساعات طويلة في الحضانة أو في روضة الأطفال بعيداً عن أمّه وعن حنانها واهتمامها وهو ما يؤدّي إلى اضطرابات نفسيّة. هذا بالإضافة إلى المحيط الصحيّ والتّربويّ الذي لا يرتقي ربّما إلى الضّوابط القانونية لسلامة الطّفل وتقول : ” كيف أمكن لهذه الأم أن تعرّض أطفالها إلى مثل هذه المخاطر وهذه الضّغوطات النّفسيّة ؟ ”  وفي المقابل تقدّم حلّا جذريا لهذه الإشكاليّة يتلخّص في عنصرين رئيسيّين : نوعيّة العمل والتّوقيت. إذ تعتبر أنّ الوظيفة المثاليّة للمرأة هي سلك التّربية والتّعليم والتّأهيل بكلّ فروعه وبالنّسبة للتّوقيت تؤكّد على ضرورة تقليص فترات العمل بحذف الفترة المسائيّة وهكذا ستتمكن المرأة من التّوفيق بين واجبها الأسري وواجبها المهني.

الآنسة أسماء النّفّاتي طالبة جامعية وناشطة سياسيّة تستنكر فكرة إقصاء المرأة من الحياة المهنيّة أو الاجتماعيّة أو السياسيّة…وتؤكّد على فعاليّتها في بناء لبنات الوطن مثلها مثل الرّجل فلا يتعلّق الأمر بتركيبة المرأة الفيزيائيّة بل بالتّحصيل العلمي وبالكفاءة وبالقدرة على البناء والتّأسيس والتّجديد وتعتبر أنّ أهمّ عائق في سبيل نجاح المرأة هو المعتقد السّلطوي للرّجل. وق أشارت إلى الحديث  النّبويّ الذي استدلّ به حافظ  أنّه خاصّ وليس عامّا وله تأويلاته، مستشهدة بنجاحات نماذج عالمية مبهرة. ولم تخفي أسماء رغبتها في أن تكون رئيسة للدّولة يوما ما فهذا الأمر ليس مستبعداً من قائمة أهدافها.

انتهى حواري مع الزّملاء ولكن من الهامّ جدّاً أن أقدم نموذجاً تونسيا متألقا ومشعا وهي السيدة منية الميساوي التي أردت أن أفتح معها نفس الحوار لنستفيد من تجاربها ولتحدّثنا عن أهمّ الصّعوبات والتّحدّيات التّي واجهتها ولكن تعذّر عليّ ذلك للأسف الشّديد. السيّدة منية أستاذة في المعهد الثانوي وناشطة سياسيّة ومن القائمات على جمعيّة “عون ” الخيريّة  وزوجة وأمّ.  في الحقيقة أنا أوّل المنبهرات بأستاذتي حفظها الله  ونفع بها، إذ رغم المشاغل ورغم الصّعوبات استطاعت وبكل تفان وبكل عطاء أن تلبّيَ نداء الواجبين وأن تقدّم صورة مبهرة عن المرأة  التّونسيّة المسلمة وعن تضحياتها ونضالها.

وفي الختام لكلّ وجهة نظره ولكلّ حججه وتعليلاته المأخوذة بعين الاعتبار و الأمر الأكيد هو أهميّة المرأة وأهميّة منزلتها كأمّ وكزوجة وكفاعلة في المجتمع هذا أمر لا يختلف عليه اثنان.